بقلم: نافذ الدقاق
شارَكني في الفترة الأخيرة عدد هائل من الأصدقاء معاناتهم في العثور على وظيفة، رغم أنهم مؤهلون ومتعلمون، كما يتمتع البعض منهم بخبرات ممتازة.
من الصعب على الخريجين الجدد إيجاد وظيفة حتى في الأوقات العادية، وقد أصبحت احتمالية ذلك في عالم ما زال متأثراً بجائحة (كوفيد-١٩) أكثر صعوبة. من خلال دعمي لهم خلال رحلاتهم المهنية، وجدت أننا نمر بتحول مهم في عقلية البحث عن عمل.
ساعدتني سنوات من الخبرة في مجال العمل، إلى جانب منصبي كرئيس مجلس الإدارة في إدراك، على وضع خطة مكونة من خمسة أجزاء لتطوير الذات ورفع فرص العثور على وظيفة. رغم أنني لا أدّعي امتلاك الإجابات لما ستبدو عليه فرص العمل في العام المقبل، آمل أن تكون هذه الخطة مفيدة لنا جميعاً في ظل الأوقات الصعبة التي نمر بها حالياً:
وضع افتراضات قوية لمدة ثلاثة أشهر
أنا أؤمن بمقولة “الحياة تُعاقب الأمنية الغامضة وتكافئ الطلب المحدد”. من الضروري جداً طوال مسيرتكم المهنية وخاصة في مقتبلها، أن تبدؤوا بالتفكير في تطوير تخصص لكم وبناء خندق شخصي.
عند التخرج من الجامعة، يبدو اختيار مجال تركيز معين أو مهنة مهمة شاقة للغاية. يقع اللوم هنا بشكل رئيسي على اعتقادنا الخاطئ بأن علينا البحث عن التزام لمدى الحياة من خلال إيجاد الوظيفة المثالية.
بعيداً عن الجدل القائم حول “اتباع شغفنا”، علينا استنباط الجواب على ذلك السؤال من خلال نمذجة وظيفة معينة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. حيث تُعَد ثلاثة أشهر مدة كافية لدراسة مدى صحة افتراضاتنا، ولكنها في نفس الوقت قصيرة بحيث تمكننا من إجراء بعض التنقلات على مدار العام.
البناء نوع من التفكير. تجعل العقلية النموذجية المهمة أقل صعوبة والبحث عن وظيفة أكثر تركيزاً. من الأسهل بكثير محاولة الخوض في مجال معين بدلاً من اتباع نهج “spray and pray” والمقصود به هنا توزيع السيرة الذاتية إلى عدة وظائف بشكل عشوائي دون دراسة ثم الانتظار على أمل أن يحدث شيئاً. ابدؤوا بعمل مداخلة بين نقاط القوة لديكم وبين اهتماماتكم. افترضوا بشدة أنكم بين ثنايا هذه التقاطعات ستجدون المجال الذي تريدون العمل فيه ومن ثم كثفوا جهودكم لمتابعته. بمجرد حصر نطاق التركيز المبدئي، ستتمكنون أيضاً من تحقيق أمرين في غاية الأهمية: ستتعلمون بشكل أعمق عن المسار الوظيفي (ويمكنكم لاحقاً تغييره في حال اتضح لكم أنه لم يكن مناسباً منذ البداية)، كما ستتاح لكم فرصة تجميع ثروة من المعارف وبناء العلاقات المهنية في هذا المجال (اقرأ المزيد عن ذلك أدناه).
تعلُم شيء جديد
يمكن لعملية البحث عن وظيفة أن تكون طويلة ومحبطة. قد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن يجد المرء بصيص أمل لوظيفة قد تحمل له فرصة ضعيفة بالتقدم فيها. بينما أنتم تنتظرون إيجاد أي وظيفة، يتراجع “عمر النصف” للعديد من المهارات التي اكتسبتموها على مر السنين بسرعة هائلة. الأمر الذي يجعل المواصلة في تطوير وتنمية مجموعة مهاراتكم أكثر أهمية أو أسهل من أي وقت مضى.
أنا أؤمن بشدة أن ما تتعلمونه هو أقل أهمية من ضرورة تعلُم شيء جديد باستمرار. سيضمن حرصكم على استغلال الكمية الهائلة من الدورات التدريبية المتوفرة عبر الإنترنت، وجود ما يمكنكم إظهاره بعد ثلاثة أشهر لأنفسكم ولأصحاب العمل في مقابلاتكم القادمة، خاصةً إذا تمكنت تجارب التعلم هذه من تشجيعكم على إنشاء ملفات شخصية تتضمن إنجازاتكم في مختلف المجالات. سيساعدكم التعلم أيضاً في التحقق من صحة افتراضاتكم، فإذا لم تستمتعوا بتعلم شيء ما، قد لا تستمتعوا بالعمل في ذلك المجال.
الكتابة بهدف إنشاء منصة
قد لا تبدو هذه المقولة جديدة عليكم: الكتابة هي قوة عظمى، فهي تجبركم على صقل تفكيركم وهيكلة أسلوب التواصل لديكم، مما يدعوني إلى نصيحة أي شخص بالكتابة لهذا السبب وحده. علاوة على ذلك، تُعَد الكتابة منصة رائعة لتعميق خبراتكم وتوسيع دائرة معارفكم في أي مجال من مجالات الاهتمام.
في مقتبل مسيرتي المهنية، تطوعت للعمل في البوابة الإقليمية للتكنولوجيا “ومضة” داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ووقع مجمل تركيزي على تكنولوجيا التعليم. منحتني الكتابة لبوابة ومضة منصة التقيت من خلالها بالمؤسسين والخبراء في جميع أنحاء المنطقة وتعلمت منهم. كانت بعض الدروس المستفادة في تلك الفترة المبكرة هي التي ساعدتني على إنشاء Edraak.org. ببساطة، تمنحكم الكتابة منصة ومبرراً لإجراء محادثات مثيرة مع الآخرين.
بناء علاقات هادفة
هناك ميل قوي نحو التركيز على المصالح المباشرة في بناء العلاقات/اعتماد عقلية الأخذ والعطاء في العلاقات عند بحثنا عن وظيفة. قد نتواصل مع الأشخاص فقط بهدف إيجاد وظيفة (كجزء من عملية تقديم الطلبات على سبيل المثال)، وننسى بناء روابط أوسع وأعمق وأكثر جدوى. كما أشرت سابقاً، لإنشاء شبكة من العلاقات الهادفة أنتم بحاجة إلى التواصل مع الأشخاص قبل حاجتكم إلى أي شيء على الإطلاق، وعليكم تبني عقلية الكرم والشفافية خلال تعاملاتكم. من الناحية العملية، يتوجب على الباحثين عن عمل لأول مرة التواصل مع الآخرين ضمن شبكاتهم الخاصة مهما كانت صغيرة بهدف الحصول على المشورة.
قياس التقدم
خلال رحلة البحث عن وظيفة، قد يبدو أحياناً أنكم تبذلون الكثير من الجهد وتحصلون على القليل جداً في المقابل. سيكون من الأسهل عليكم تحليل مستوى تقدمكم إذا كنتم تتبعون سيره وتتأملون في النتائج. يتمثل أحد الاقتراحات في إنشاء أهداف واضحة وقابلة للقياس ضمن بعض هذه الفئات -وغيرها- لتتمكنوا من تحليل تقدمكم والتأمل فيه والتعلم منه. إليكم إطار عمل مفيد: الأهداف والنتائج الرئيسية. التأمل هو الطريقة الوحيدة التي نحقق بها تقدماً حقيقياً.
لا تتوفر مجموعة من المبادئ ولا قدر كافٍ من التوجيه يمكن أن يجعل من عملية البحث عن وظيفة أمراً سهلاً، ولكن آمل أن تفلح هذه المبادئ برفعكم درجة إلى الأعلى لتتمكنوا من النجاح في أحد أصعب أسواق العمل في التاريخ الحديث. بالتوفيق!
التعلم المستمر ومواكبة كل المستجدات العلميه المتقدمه امر مهم جدا للنجاح بالحياه
شكر لمنصة إدراك التي تحمل الكثير من المعلومات .وتحتوي علي الكثير من المحتوي المفيد ❤️💪
اتمنى ان تزيدو من البرامج التسويقية