في إدراك، نؤمن أن التغيير والتحسين والتطوير شيء مستمر ولا يتوقف، فالمنتجات الرقمية تختلف كثيراً عن منتج ملموس تستخدمه في حياتك.
في عالم المنتجات الملموسة، عندما يكون المنتج جاهزاً وقد تم بيعه لآلاف أو ملايين الزبائن، من الصعب أن تقوم بأي تعديل عليه، على العكس من ذلك، فالمنتجات الرقمية سهلة التعديل نسبياً، بل تعديلها ليس شيئاً اختيارياً أيضاً، وإن لم تكن سبّاقاً في تعديل منتجك لتنافس، لن تستطيع البقاء في القمّة.
انظر إلى التطبيقات التي على هاتفك، والمواقع التي تستخدمها، ستجد أن الكثير من التطبيقات يتم تحديثها بشكل دوري، وأن المنصّات الكبيرة تقوم بتغييرات دورية على واجهاتها، وهذا يعكس اهتمام الشركات المصنّعة باستمرار عملية التحسين على مواقعهم وتطبيقاتهم.
ونحن في إدراك، قمنا بعمل العديد من التحسينات على المنصة خلال الفترة الماضية التي جعلت عملية استخدام المنصة، من تسجيل وتوثيق وغيره أسهل للمستخدم، في مقالنا هنا سنرى بعض ما قمنا به لتحسين ورفع نسبة التحويلات على مراحل مختلفة لمستخدمي المنصة.
التحسين الأول: صفحة تسجيل الحساب Signup Page
في السابق، كنا نقوم بجمع بعض الأمور عن المستخدمين الذين يريدون التسجيل على المنصة، مثل سنة الميلاد، دولهم، ومؤهلاتهم العلمية، الجنس، وكانت صفحة نموذج التسجيل على إدراك تتكون من 10 حقول، كما نرى في هذه الصورة:
عندما يتعلق الأمر بصفحة التسجيل، عليك محاولة تقليل نسبة من يخرج من موقعك قدر الإمكان، فكم مرة دخلت إلى موقع، ثم وجدت صفحة تسجيل طويلة تجبرك على تعبئتها جميعها لمعرفة محتوى الموقع، ثم غادرت الموقع بلا رجعة؟
هذا ما أردنا تجنبّه في إدراك، فكل زائر يخرج من هذه الصفحة سنكون قد خسرناه، وليس من السهل إعادته، ما الذي قمنا به لحل هذه المشكلة؟
درسنا أفضل الممارسات العالمية التي تنطبق على نماذج التسجيل Signup forms، ووجدنا أن عدد الحقول الموصى به هو 3 إلى 4، وأن الحقول يجب أن تكون متفاعلة وتعطي إشارات للزائر عن الحقل الذي يقوم بتعبئته، هل هو صحيح، خاطئ، أم غير ذلك، وغير ذلك من التوصيات.
وجدنا أيضاً العديد من التجارب في هذا المجال، موقع ImagEscape قام عام 2008 مثلاً بتخفيض عدد الحقول من 11 إلى 4، نسبة التحويلات (عدد التسجيلات في الموقع) ارتفعت من 5.4% إلى 11.9%، أي بزيادة نسبية 120%!
قمنا أيضاً بعمل موازنة بين أفضلية الحصول على معلومات إضافية من صفحة التسجيل، مقابل أن نخسر الزائر كلياً! والكفّة راجحة بالطبع! لكن هناك إشكالية صغيرة…
هذه المعلومات الإضافية، كالدول والجنس تساعدنا على فهم مستخدمينا بشكل أفضل، التواصل معهم عندما يكون هناك نشاطات لإدراك في دولهم، وحتى على توصيات مساقات مختلفة بناءً على التحصيل العلمي أو العمر وغير ذلك. ولا يمكننا ترك هذه المعلومات بسهولة!
ما الذي قمنا به؟
بعد رسم عدة تصاميم، وجلسات عصف ذهني مطوّلة عن أفضل الطرق التي يمكننا من خلالها جمع أكبر قدر من المعلومات، قمنا بعمل عدة نماذج مبدئية (Prototypes) لصفحة التسجيل، وقمنا بتجريبها على عدة مرات مع مستخدمين من كافة أطياف المجتمع (User Testing)، لنفهم أكثر كيف يمكن أن يتصرف أي شخص مع صفحة التسجيل.
بعد عدة تجارب ونماذج مبدئية، وصلنا إلى شكل نهائي (مرحلياً) لمرحلة التسجيل، لماذا مرحلة وليس صفحة؟
لأننا قمنا بتقسيم مرحلة التسجيل إلى أكثر من صفحة، واقتصرت الصفحة الأولى على 5 حقول على الصورة التالية:
في هذا النموذج، قمنا بالعديد من التحسينات على شرح الحقول (labels)، عملية التحققّ من المعلومات أثناء الكتابة (صيغة البريد الإلكتروني غير صحيحة، اسم مستخدم موجود، كلمة سر ضعيفة، كلمتا السر غير متطابقات) وغير ذلك من التحسينات.
لعلّك قد تسأل، لمَ تركنا حقلين لكلمة السر مع أن كل تقليل لعدد الحقول أفضل؟ الجواب ببساطة:
“أنت لست جمهورك المستهدف” أو “You are not YOUR target audience”
نعم قد يبدو هذا مخالفاً لما نعرفه، وما ينصح به أكثر خبراء تصميم تجربة المستخدم، لكن هذا ما حصل مع العينات التي جربت نموذج التسجيل المبدئي، طلبوا تأكيد كلمة السر مع وجود إشارة العين التي تسمح لهم برؤية كلمة السر!
بعد إتمام التسجيل في هذه الصفحة، ستظهر صفحتان، الأولى تسأل المستخدم إن كان بإمكانه تزويدنا ببعض المعلومات، وهذه الصفحة اختيارية، أي أن المستخدم بإمكانه تجاوزها إن أراد:
والصفحة الثانية تظهر عند اختيار “أكمل”، والتي نجمع فيها بعض المعلومات الإضافية (بشكل اختياري طبعاً):
النتيجة؟
هناك العديد من المقاييس التي يمكن استخدامها لنجاح النموذج الجديد، ونظراً لاختلاف الفترة الزمنية بين أي مقارنتين، سنقوم بتحييد جميع العوامل التي يمكن أن تؤثر على النتيجة (مثل الحملات الرقمية المدفوعة، إطلاق دورات جديدة، إطلاق مرحلة جديدة من إدراك للتعلّم المدرسي، وغير ذلك)، سيكون معيارنا هو كم عملية تسجيل حدثت، مقابل عدد مرات مشاهدة صفحة التسجيل:
= نسبة التحويلات (التسجيل) / مشاهدات صفحة التسجيل
قمنا بعمل مقارنة لما حدث على سنة كاملة من البيانات، لنقوم بتخفيف أثر أي عامل مؤقت من الممكن أن يؤثر على النسبة، والنتيجة؟
ارتفع معدل التحويل من 19% خلال السنة التي سبقت التغيير، إلى 55% خلال السنة التي تليها، أي بنسبة زيادة تقترب من 190%!
ما الخطوة القادمة؟
لن نكتفي بهذا، فمع أن النموذج الجديد حقّق قفزة كبيرة في نسبة التسجيلات على الموقع، لكننا نؤمن أن هناك دائماً مساحة للتحسين، سنقوم خلال الفترة القادمة بإضافة بعض التحسينات الجديدة على النموذج، ونبقيكم على اطّلاع بنتائج المرحلة الثانية من تطوير نموذج التسجيل.
التحسين الثاني: تفعيل / تنشيط الحساب Verification
بعدما يُتم الزائر عملية التسجيل، تظهر له رسالة تفيد بأن عليه إتمام إنشاء الحساب بتفعيل حسابه عن طريق بريده الإلكتروني وذلك للتحقق من أن البريد الإلكتروني الذي استخدمه في التسجيل صحيح:
أين تكمن المشكلة؟ وما الذي قمنا بعمله لحلّها؟
هذه الرسالة التي نرسلها إلى البريد الإلكتروني تضيع بين مئات الرسائل الأخرى، ولا ننسى أن نسبة كبيرة من الناس لا تتحقق من بريدها الإلكتروني باستمرار، وإن تحققوا منه، ستجده مليئاً بمئات أو آلاف الرسائل غير المقروءة القادمة إما على شكل إعلانات دعائية، أو من المنصّات الاجتماعية التي ترسل تنبيهات عن طريق البريد الإلكتروني، أو من قوائم بريدية لخدمات ومواقع مختلفة.
لأسباب عديدة تتعلق بالخصوصية والحفاظ على قوائمنا البريدية نظيفة، تعتبر هذه الخطوة أساسية لنا ولا يمكننا تجاوزها، لكننا نسمح بالمتعلمين بمتابعة التعلّم دون توثيق لفترة معينة.
فمسألة تفعيل الحساب عن طريق البريد الإلكتروني ليست إجبارية، أي أنها تسمح للمتعلّمين باستخدام المنصة دون تفعيل، وخلال السنوات الخمس قبل التعديل، كانت هناك نسبة تقارب 48% من مستخدمي إدراك حساباتهم غير مفعّلة، مع أنهم الكثير منهم مستخدمون حقيقيون ومتفاعلون، كيف عرفنا ذلك؟ سنرى بعد قليل.
هنا يمكن أن تسأل:
لماذا لا نجبر الجميع على التفعيل ومنعهم من الاستمرار قبل ذلك؟
في إدراك، نؤمن بأن التعليم حق للجميع، وأن علينا تخفيف المعيقات قدر الإمكان أمام المتعلّمين، فمنهم من معرفته التقنية تصعّب عليه عملية تفعيل حسابه، ولذلك فنحن نسمح للمستخدمين غير الموثقين باستخدام المنصة ومشاهدة الدورات دون أي مشاكل، لكن دون أن نكون قادرين على إرسال رسائل إلكترونية لهم كما ذكرنا.
لذلك، كانت الرسالة التي تأتي من إدراك تضيع بين هذا الكم من الرسائل، فالمستخدم عندما يجد أنه يمكنه استخدام المنصة دون تفعيل، سيؤجل العملية، وعندما يرغب بعدها بتفعيل حسابه، لن يجد الرسالة بسهولة! ما الحل؟
التخصيص ووضوح الرسائل Personalization and Clear Messaging!
في السابق، كنا نرسل الرسالة الإلكترونية الخاصة بالتفعيل على هذا الشكل:
ما المشكلة فيها؟ أو لنقل “المشاكل”؟
- العنوان عام وليس مخصص للمستقبل
- اسم المرسل غير واضح
- الخط في نص الرسالة صغير
- الرابط يمكن أن يكون أوضح لتسهيل عملية الضغط عليه
بعد عدة دراسات والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية فيما يخص هذا الموضوع، قمنا ببعض التعديلات على الرسالة، كالتالي:
- تم توضيح أن هذه الرسالة ليست للاطلاع فقط (Informative) وإنما تتطلب منك فعل شيء، بمعنى آخر هناك إجراء مطلوب منك (Action Required).
- قمنا باستخدام الاسم الأول (يؤخذ من الاسم الكامل في صفحة التسجيل) ليعرف مستقبل الرسالة أنها رسالة مخصصة له/لها.
- تم تغيير اسم المرسل ليصبح “منصة إدراك”
- توضيح الخط في نص الرسالة واستخدام لغة تحفيزية لتشجيعه على القيام بالفعل المطلوب منه
- استخدام صورة للفعل المطلوب القيام به (Call to Action) لتسهيل رؤيتها وعملية الضغط عليها.
وهذا هو شكل الرسالة الجديدة:
ولتقليل أثر أي عامل جانبي، سنقوم بتطبيق نفس الطريقة التي اتبعناها لقياس أثر نموذج التسجيل، سنة قبل التعديل وسنة بعده.
النتيجة؟
باستخدام الرسالة الأولى، كانت نسبة توثيق الحسابات 48% مقابل 52% غير موثّقة، خلال العام الذي تلى التغيير، ارتفعت النسبة إلى 69% مقابل 31%!
أي النسبة زادت 43% بسبب هذا التغيير البسيط فقط!
غريب لكنه جميل، أليس كذلك؟
التحسين الثالث: تغيير مكان زر التسجيل على شاشات الهواتف
مؤخراً، قمنا باستخدام أدوات تساعدنا على معرفة ما يقوم به المستخدمون على المنصة، خصوصاً ما يتعلق بالضغط على الأزرار clicks map، وهل يقومون بالنزول في الصفحات إلى الأسفل وإلى أي حد Scroll map.
بعد بعض البحث وتحليل تصرفات الزوار behavior analysis، وجدنا أن زوار المنصة الجدد (وخصوصاً الذين على الصفحة الرئيسية)، الذين يستخدمون الهواتف المحمولة، لا يقومون بالضغط على الزر الذي يظهر القائمة (والتي تحوي زر التسجيل على المنصة)!
هذه صورة لشكل الشاشة من قبل، نلاحظ فيها مكان زر التسجيل داخل القائمة، أي بعد الضغط عليها:
قمنا بعمل تعديل بسيط على الشاشة، إخراج زر التسجيل ليكون بشكل أوضح دون الحاجة إلى الضغط على القائمة لرؤيته (وقمنا باستخدام أنشئ حساب بدل سجّل الآن لتفريقها عن التسجيل في الدورات).
وهكذا ظهرت الصفحة الجديدة:
النتيجة:
بناءً على محدّدات قمنا باستخدامها لحصر الاختلاف على الزوار الجدد فقط، ومستخدمي الهواتف المحمولة، زادت نسبة الزوار الذين ينتقلون من الصفحة الرئيسية إلى صفحة التسجيل من 9% إلى 21%، أي ارتفعت بنسبة 133% عمّا كانت عليه!
الخلاصة؟
الشركات تصرف عشرات ومئات آلاف بل وملايين الدولارات لتحصل على زبائن محتملين لخدماتهم، ومع أن خدماتهم من الممكن أن تكون الأفضل في السوق، لكن الطريق لهذه الخدمات ليس معبّداً بشكل جيد! فتضيع الجهود التسويقية سدى لأخطاء بسيطة، يمكن تفاديها باتّباع أفضل المعايير العالمية فيما يتعلّق بكل جزئية من جزئيات مرحلة زبونك الرقمية!
ومع أن الوصول إلى منتج نهائي لأي شركة يتطلب مجهوداً عظيماً، أفكاراً وتطبيقات ودعم فنياً ومالياً وغير ذلك، إلّا أن هناك بعض الدعامات الجانبية، هذه الدعامات تسند منتجك، ولا تكلفك شيئاً مقابل تكلفة المنتج نفسه، ولكن من دونها من الممكن أن تخسر مئات وآلاف الزبائن لأن تجربتهم على موقعك / تطبيقك لم تكن بشكلها الأمثل!
هذه الدعامات من الممكن أن تكون سرعة موقعك، نموذج التسجيل في المنصة، حجم التطبيق الخاص بك، وضوح الرسائل وما المطلوب من المستخدم فعله، وغير ذلك.
هل مررتم بتجربة مشابهة لما قمنا به في إدراك؟ شاركونا تجاربكم في التعليقات.
عمر الدباس – مدير التحسين الرقمي في إدراك
المزيد من التحدي والابتكار
مواكبة عصر شيء يستحق الاهتمام
رائع جدا
اريد التسجيل فى كورس الاسعافات الأولية واريد ان اعرف التفاصيل بخصوص الكورس والشهادة والمواعيد
مقالة رائعة ومواكبه للعصر
شيء يثير الإهتمام
تجربة مفيدة وممتعة
تجربة ممتعة ومفيدة
كيفية أخذ الدورة آلية الدورة والقاء هل سيكون لقاء الالكتروني ام كيف
ارجو اعلامي طبيعة أخذ الدورة وكيفية أخذ المساق وهل هناك لقاءات
شكرا على هذا الطرح الرائع والمميز
مقالة رائعة