خلال المراحل التي يمر بها الطلاب في رحلتهم الدراسية ورسم بدايات مسارهم المهني، تأتي مرحلة العثور على وظيفة كأهم مؤشرات نجاحهم في جني ثمار جهودهم في الدراسة لسنوات عديدة، بدءًا بالمدرسة حتى الجامعة. ومع ذلك علينا إدراك وجود بعض التحديات التي ستواجه الخريج الجامعي حتى يكون على جاهزية لتعلّم كيفية التعامل الصحيح معها. فكيف يبدأ الانخراط في سوق العمل؟ وكيف يسوّق لنفسه؟ أين يبحث؟ وماذا عن السيرة الذاتية؟
حتى تكون البداية صحيحة عليكم اتباع خطوات مدروسة وإعداد أنفسكم جيدا، وفي هذا المقال نقدم لكم بعض النصائح التي ستساعدكم في البحث والعثور على وظيفة بعد التخرج.
١. الدراسة وحدها لا تكفي
خلال فترة الدراسة، نطمح لحياة مهنية ناجحة من خلال التعلّم بمجال معين، إلا أن واقع العمل يفاجئنا بأن الدراسة وحدها لن تكفي لدخول سوق العمل بقوة والوصول للنجاح الذي نريده، وذلك لأن الخبرات العملية تعطي مهارات مختلفة عن تلك التي نكتسبها خلال فترة الدراسة، مثل خبرات التواصل مع الآخرين ومهارة إدارة الوقت وغيرها من المهارات التي يكون من الصعب أن توفرها لك الدراسة الأكاديمية.
والجدير بالذكر أن هناك الكثير من الرياديين الذي نجحوا في حياتهم دون أن يكونوا من أصحاب الشهادات الجامعية أًصلا، أمثال ستيف جوبز. لذلك إن كنت في مرحلة الدراسة عليك أن تكتسب مهارات مهنية من خلال العمل التطوعي، أو التدريب في أحد المؤسسات، أو حتى الانخراط بالعمل الحر بأي مجال تعتقد أنك قادر على العمل به، فإن المهارات المكتسبة من خلال العمل هي التي ستساعدك في عملية البحث عن وظيفة بعد التخرج من الجامعة.
كما ويمكنكم أيضا تعلّم المهارات المختلفة من خلال المواقع والفيديوهات المتوفرة على الإنترنت أو اللجوء لمرشد وظيفي Career Coach لتحديد مناطق التطوّر التي أنتم بحاجة لها ووضع خطة عمل لتحسينها.
٢. ابدأ وستصل لفرص عمل أفضل!
عند البدء في تطبيق ما تعلمته عمليًا فإنك تقوم بصقل مهاراتك، كما أنه سيشجعك أكثر على العمل والإنتاجية. وبالإضافة إلى إثراء خبراتك المهنية من خلال التطبيق العملي فإن الكثير من مهاراتك السلوكية ستتطوّر بشكل واضح أيضا، وذلك من خلال الانخراط في سوق العمل ومواجهة تحديات العمل الفعلي، الأمر الذي سيجعل فرص العمل كثيرة أمامك ويمكّنك من امتلاك سيرة ذاتية قوية تشجع أصحاب العمل على منحك فرص وظيفية ذات أجر أعلى.
ولذلك يجب أن لا تتردد في أخذ ما هو متوفر من وظائف بعد التخرج مباشرة حتى لو كانت لا تمثل الوظيفة التي تطمح أن تبدأ بها، فالمهم هو أن تبدأ من مكان ما لكسب الخبرة و صقل المهارات من ثم الوصول لمكان أفضل بكل جدارة واستحقاق.
٣. المنافسة في سوق العمل وإثراء السيرة الذاتية
تعد عملية العثور على وظيفة بعد التخرج أمرًا ليس سهلا، فغالبًا ما تتصدر اعلانات التوظيف اشتراط وجود خبرة مهنية في متطلبات الوظيفة الأساسية، ومن هنا علينا أن ندرك أهمية بدأ العمل في مرحلة مبكرة من حياتنا، وبالطبع هناك العديد من الطرق المختلفة لاكتساب الخبرة المهنية. كما اشتدت المنافسة في سوق العمل بين الخريجين الجدد في السنوات الأخيرة مع تزايد أعداد الخريجين من الجامعات، فما العمل؟ وكيف تنافسوا غيركم من الخريجين؟
أولا: شاركوا بأنشطة تطوعية أو مبادرات أو فرص تدريب قدر الإمكان، وبذلك ستكتسبون مهارات التواصل مع الآخرين وإنشاء علاقات مهنية (connections) تمكنكم من التسويق لأنفسكم بشكل احترافي وعملي، وهذا الذي يشجع أصحاب العمل على تعيينكم فضلاً عن غيركم من الخريجين في نفس المستوى التعليمي.
ثانيا: اعتمادا على ما ذكرناه في النقطة الأولى حتى تتميزوا في سوق العمل وتتمكنوا من العثور على وظيفة جيدة يجب أن يكون لديكم سيرة ذاتية قوية ومنظمة بحيث تكون جاذبة للأنظار وسط أعداد السير الذاتية التي قد تصل للمئات أحيانا، فلكم أن تتخيل مدى أهمية الاهتمام بالسيرة الذاتية والسعي والمثابرة لملئها بالخبرات المهنية حتى لو كانت تطوعية أو تدريبية كما ذكرنا سابقا. أيضا أهمية وجود شهادات تخصصية أصبحت في وقتنا الحالي لا تقل أهمية عن الشهادة الجامعية، لذا ننصح الجميع بالتوجه نحو البحث عن كل ما هو جديد في تخصصنا ودراسته عبر الانترنت من خلال المنصات المختلفة التي توفر ذلك بكل سهولة ومن أي مكان في العالم.
إقرأ هنا المزيد حول كيفية كتابة السيرة الذاتية CV وأهم نصائح خبراء منصة إدراك والوطن العربي حول هذا الموضوع.
ثالثا: يجب أن تستعدوا لمقابلات العمل، حيث يتوفر الكثير من الفيديوهات والمقالات والدورات على الإنترنت التي تساعدكم في التحضير لها، فستجدون الأسئلة الأكثر تكرارا من خبراء الموارد البشرية والإجابات المثالية عليها، لكن عليكم الحرص على تحضير الإجابات بما يتناسب مع مستوى خبراتكم ومعرفتكم. وأيضاً لن يكون من الصعب إيجاد الأسئلة المتوقعة للمقابلة الفنية (أي التخصصية المتعلقة بمجال الوظيفة) فعليكم البحث أيضا وتجهيز أنفسكم قدر المستطاع.
أيضًا من المهم جدا إجراء البحث حول الشركة المراد المقابلة فيها، لتتعرفوا على طبيعة عملها ومدى توافق خبراتكم و مهاراتكم مع أنشطتهم، وتقوموا فيما بعد بتحضير الإجابة عن ثلاث أسئلة متوقعة، وهي: ماذا تعرفون عن الشركة؟ لماذا أنتم مهتمون بالانضمام لها؟ وماذا ستضيفون للشركة؟
وأخيرا عليكم تحضير بعض الأسئلة الاحترافية، مثل: ما هي ثقافة الشركة؟ ما هو حجم فريق العمل؟ ما هي الخطوة القادمة بالنسبة للمقابلة؟
رابعا: عادة ما تتوقع الشركات أن يكون الخريجين الجدد على استعداد كامل للعمل الجاد، فيفترض أن يكونوا في أوج حماسهم واندفاعهم نحو العمل وإثبات قدراتهم، فانتبهوا لذلك حين البدء بأي فرصة عمل، فعليكم العمل بكل ما تملكون من طاقة، وأن تكونوا مرنين بشأن فرص العمل المتاحة، حاولوا الاستفادة من كل دقيقة لتعلّم شيء جديد حتى تثبتوا أنفسكم ولتبدأوا الصعود نحو تحقيق ذاتكم وطموحاتكم بشكل أسرع، وأيضا كي لا تقعوا بخطر خسارة الفرصة المتاحة حيث يوجد الكثير من المنافسين كما تعرفون.
خامسا: توسيع شبكة العلاقات قدر المستطاع، من أهم مفاتيح النجاح العملي في هذا العالم هو مدى قدرتنا على توسعة شبكة علاقاتنا بشكل ناجح، أي أن نحيط أنفسنا بأهل الخبرة والإيجابية، وذلك من خلال عدة طرق، منها:
– بناء علاقات زمالة جيدة عن طريق كسب ثقة الزملاء بأخلاقنا و نزاهتنا في العمل، احترام الخبرات والجاهزية للتعلّم والاستماع للنقد البنّاء بإيجابية، ونشر المعرفة التي لدينا أيضًا.
– الاستفادة من منصة LinkedIn أو أي من المنصات المشابهة المتخصصة بالعمل، من خلال إضافة أكبر عدد من خبراء المجال الذي نعمل به، وموظفي الموارد البشرية أو المتخصصين بالبحث عن المواهب، للاستفادة من منشوراتهم أو مشاركتهم، وأيضا محاولة المشاركة ونشر المعرفة من قبلنا حتى نصبح مرئيين لمثل هؤلاء وغيرهم وبالتالي يمكن في المستقبل أن نحظى باهتمامهم للعمل بإحدى شركاتهم أو أن يوصوا بنا لأصدقائهم وزملائهم.
خلاصة النقاط السابقة، عليك أن تعرف كيف تسوق لنفسك في سوق العمل لكي تصبح مؤهلًا للمنافسة، حيث أن كفاءة التسويق لنفسك تساعدك في الحصول على فرص أكثر وأفضل في مسيرتك المهنية سواء ببدايتها أم بعد ذلك.
كبداية، ننصحكم بالتسجيل الآن في دورة كيف تسوق نفسك في سوق العمل المقدمة من إدراك، وذلك لتتعلم مهارة التسويق الشخصي، حيث تركز الدورة على مفهوم التشبيك والعلامة التجارية الشخصية المتناسقة ومدى حاجتك لمهارات التسويق الشخصي، حيث توضح الدورة كيف تسوق لنفسك عبر الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي و يمكنك الاشتراك في الدورة من هنا.
اقرأ أيضا: ما هو التعليم المدمج؟
٤. إنشاء حساب على لينكدإن LinkedIn والاشتراك في وكالات التوظيف Recruitment Agency
تلجأ الكثير من الشركات لمنصة لينكدإن LinkedIn وغيرها من وكالات التوظيف مثل أخطبوط وبيت.كوم وIndeed وغيرهم للبحث عن موظفين، لذا عليكم كخريجين أن تحرصوا على عمل حسابات في مختلف هذه المنصات حيث أنها تعتبر مهارة مهارة جدًا عند بدء عملية العثور على وظيفة، كما أنها تعد حلقة الوصل الأولى بينكم وبين الشركات الباحثة عن موظفين، كما أن الاشتراك بها غالبا ما يكون مجاني لذا لن يكلفكم سوى بعضا من تخصيص الوقت لجعل حسابكم منظم وجذاب.
والجدير بالذكر وجود بعض المواقع المتخصصة بإيجاد فرص عمل حر في مجالات معينة، مثل Upwork، حيث الكثير من الشركات تتطرق للدخول لمثل هذه المواقع للبحث عن خبراء لديهم ملفات شخصية ملفتة، حيث أن مثل هذه المواقع تتيح الفرصة للعملاء بوضع الملاحظات حول كفاءة إنجاز العمل من قبل المشتركين وبالتالي يسهل على الشركة التقييم.
٥. طوّر نفسك: ثق بنفسك واجعلها أكثر كفاءة
لابد لنا من إدراك وجودنا في عصر يتسّم بالسرعة والتطوّر والتغيّر المستمر، لذلك علينا نحن أيضًا الاتسّام بالمرونة والتكيّف مع كل ما هو جديد، فمثلا لا يمكننا الاكتفاء بدراسة تخصص معين في الجامعة وحسب، فمن الممكن أن تتغير الكثير من النظريات التي درسناها خلال سنواتنا الأولى عما سنجده على أرض الواقع عند البدء بالعمل.
لمواكبة ذلك عليك الحرص على متابعة كل ما هو جديد في المجال الذي ترغب فيه، وذلك من خلال الاشتراك في دورات جديدة عبر الانترنت سواء مجانية كالتي تقدمها منصة إدراك أو حتى مدفوعة إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى متابعة صفحات التواصل الاجتماعي المتخصصة عبر مختلف المنصات وأهمها لينكدإن LinkedIn، بالإضافة لمتابعة صفحات أو ملفات شخصية لخبراء معروفين في المجال الذي تطمح له حتى تستفيد من خبراتهم من خلال الاطلاع على مشاركاتهم، بالإضافة لبناء العلاقات مع الكثير من زملاء العمل في نفس المجال أو المجالات القريبة من التخصص الذي ترغبه للاستفادة من خبراتهم وإثراء شبكة التواصل الخاصة بك أيضا.
من المهم التذكير بأهمية الخبرة المهنية والتجارب المختلفة، والتي تساعدك في مهمة العثور على وظيفة، وتطوير شخصيتك وخبرتك وزيادة ثقتك بنفسك، الأمر الذي يجعلك في النهاية تعرف نوعية الوظائف التي تناسبك وتناسب شخصيتك ويجعلك تبدع في عملك أكثر .
وفي نهاية المقال نتمنى أن تكونوا قد أدركتم أهمية الخبرة العملية وأنها تستحق منكم الاهتمام والمثابرة لكي تساعدك في عملية البحث عن وظيفة، والحصول على أفضل فرصة عمل بعد التخرج ونتمنى للجميع جني ثمار العمل الجاد والإصرار لتحقيق أهدافكم مهما كانت التحديات.
لتعمّ الفائدة نرشّح لكم تخصصات إدراك والتي هي عبارة عن مجموعة من الدورات تتناول موضوعًا معينًا بهدف تمكين المتعلم من إثراء معلوماته وإتقان مهارة ما بشكل متعمق.