۲۰۱۹/۰۹/۰۱

العلم لمن يريد

نظرة خاطفة على الماضي: منذ صغري وأنا أطمح أن أكون اسماً يذكر لا ينسى بزوال صاحبه، وكان التميّز عوني لتحقيق ذلك، فكنت أحاول انتهاز أي فرصة للتفرد بإنجازات بمختلف مجالات حياتي.


مضت السنين وأصبحت طالبَ هندسةٍ ميكانيكية في جامعةِ العلومِ والتكنولوجيا الأردنية، في تلك اللحظة كنت في حيرةٍ من أمري فما أفعَلُهُ في حياتي في ذاكَ الوقت لا يُميّزني عن أيّ طالب يجاوِرُني صفوفَ الدراسة، وأن أهدافي بدأت تُنسى شيئاً فشيئا، فبدأتُ أبحثُ عن نفسي في العديدِ من الأعمالِ التطوعيَّة ودوراتِ التطويرِ ولكن ذلك لم يُشبِع جوعَ المعرفةِ الذي في داخلي.

ثُم أتى اليومُ الموعود، السابع من أكتوبر لعام 2017 م، اليومُ الذي سُنحَت لي فيه فرصةُ الانضمامِ لبرنامَجِ سُفراء منصة إدراك، المنصَّةُ التي تَنشُرُ العلمَ في أرجاءِ الوَطنِ العربي بلغَتِنا العَرَبيَّةِ التي نفخر بها، وتُعطي الفُرَص للمتعلمين بِمواكَبةِ أحدَثِ العلومِ والمعلومات في مُختَلَفِ مَجالات الحياة.

وفي أَولِ يَومٍ جَمَعَنا - نَحنُ سُفَراء المنصة - من مُختَلَفْ جامِعاتِ المَّملَكة غُمِرتُ بِكَميًّةٍ من التَفائُلِ والإصرارِ على النَجاح والمُثابَرَةِ لِنَشرِ فِكرَة إدراك أن العلم لمن يريد، وأخَذَني كيفَ أنّ كُلَّ فَردٍ منّا لَديهِ دافِعَهُ بالحياةِ لإثباتِ نَفسِهِ وتَحقيقِ أَهدافِهِ الخاصة وسَعيَهُ لِذلك بِكُلِّ ما أوتيَ مِن قوة، عِندها عَلمتُ أنني في المكان المُناسِب، وهو المَكان الذي يَسمو بِطموحاتي إلى آفاقِ النَّجاح.

لن أكتب اليوم لأسرد لكم القصص عمّا يحصل معنا، لكن هناك قصة لا تنسى، ولا يجب أن تنسى:

قِصّةَ مُعلمة من اليّمن الحبيب، رَفَضتْ هذِهِ المُعلمة الخُروج مِن بَلدِها هَرباً مِن القَصفِ والأحداثِ التي كانت تدورُ في بَلدها لخوفها على طُلابِ مَدرستها وقد غادر عددٌ كبيرٌ مِن معلمي هذِهِ المدرسة في تلكَ الفترة خارِجَ البِلاد، فكانت الوَسيلةَ الوَحيدةَ لإيصالِ العَلم لِطلابها هي مَنصة إدراك، قِصةٌ كهذِهِ أدمَعتْ عينيَّ وجعلتني أُصرُّ على أن أنشُرَ هذهِ الرِسالةَ وهذا العلم بكُلِّ ما أوتيت من قوةٍ وعزيمة.

مرتْ الأيام وأصبحتُ قائدَ فريقِ سُفراء إدراك في جامعتي، وحَرصت مع فريقي أن نكون فاعلينَ في جامِعتنا ونوصل رسالتنا لكلِّ طالبٍ وطالبةٍ فيها، وبدأنا بِعملِ جَلسات تعريفيةٍ عَن المنصة وكيفية استخدامها وكان عددها 17 جلسة في الفَصلِ الدِراسي الواحد، مما علَّمني كيفَ يكون القائد الناجح، وطَور لدي مهارات الخَطابة والحِوار، وفي السنتين الماضيتين كُنّا في برنامج سفراء إدراك كعائلةٍ واحدة تساند بعضها بعضاً.

الأمر الغريب أنَّ في تلك الفترة بدأتُ أكتشفُ أمورً جديدةً في ذاتي، حيثُ لم أعدْ ذاك الصبيُّ اللذي يرى نفسهُ كمهندسٍ بخوذةٍ صفراء كما كُنت أحلمُ في بداية مشواري الجامعيّ، وشَعرتُ أن هكذا مجال سيطمث ما لديّ من إمكانياتٍ كسبتُها على مدار السنين في مجالي العلمي والعملي، وكان الجانب الإداري والقيادي هو الجانبُ الذي أخذ كل انتباهي حيثُ شَعرت أنهُ يستثمر كلَّ ما لدي من إمكانيات ويطوّرها، وكانت إدراك هي وسيلتي لتحقيق ذلك، فسجّلتُ في مساق مهاراتِ القيادة ومساق مهاراتِ العملِ الجماعي، وبدأت أطورُ من نفسي في هذه المجالات.

لم يقف الموضوع عند الطموح بالتحررِ من القيودِ التي حولي، فقد سنحتْ لي إدراك الفرصة لدخولِ برنامجٍ تدريبي لديها كمديرِ مساقات، وهو الأمر اللذي يُنمّي شَغفي الإداري ويدفَعُ بي إلى الأمام، وها أنا اليوم أكتبُ لكم هذا المقال من مكتبي كمتدرب في المنصة التي كانت نقطةَ التحولِ في حياتي.

في النهاية، لكلِّ مبدعٍ إنجاز ولكلِّ نجاحٍ شكر وتقدير، لذلك شكراً إدراك لدعمي ولكونك سبباً لاكتشافِ ذاتي، شكراً إدراك لأنك تسعين إلى دفنِ الجهلِ برمالِ العلمِ والمعرفة.

بقلم: علاء علاونة- الأردن

شارك المعرفة

مقالات ذات صلة

التعليقات

3 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram